الى اذاعة دمشق لم يكن مفروشاً بالورود بالنسبة لشاب فقير قادم من محافظة دير الزور يحلم بأن يغني خلف ميكروفون الإذاعة السورية التي كانت هاجساً لكل من يطمح بتحقيق الشهرة عبر أثيرها، معاناة من نوع مختلف و قاس عاشها تلك الفترة من اواخر ستينيات القرن العشرين ، فالحدائق العامة كانت ملاذه للنوم عندما لم يكن يملك اجرة مبيت بالفندق ، والخبز اليابس أصبح وجبته اليومية بعد ان استدل على صاحب احد المطاعم واخذ يتردد عليه بشكل يومي طالبا منه وبخجل واضح فضلات الخبز اليابس بحجة إطعام الخروف ، ليصبح فتات الخبز هذا وجبته الرئيسية بعد ان ” ينقعه ” بالماء يومياً حتى يسهل أكله ، ولأن الضربة التي لا تقصمك تقويك ، تحقق حلمه ليصبح وبعد ثلاث سنوات المطرب المشهور «ذياب مشهور» الذي أسعد بصوته محبيه على امتداد الوطن العربي عبر مسيرة استمرت لأكثر من اربعين عاما صاحبها أضواء و شهرة لتنتهي اّخر الأمر الى انه لازال يسكن بالإيجار في أحد أحياء العاصمة السورية دمشق !.
حكايته مع الغناء بدأت عام 1958 وهو في سن الثانية عشرة من العمر ، من خلال الأعراس و الأفراح بمسقط رأسه بلدة ” موحسن ” التابعة لمحافظة دير الزور وكان متأثرا وقتها بالفنان العراقي الحضيري ابوعزيز ، انتهز فرصة تأسيس نادٍ للفنون في البلدة وبمصاحبة فرقة موسيقية خاصة بالنادي اخذ يحيي الحفلات و يصدح بالمواويل والأغاني التراثية المعروفة على مستوى شرق سوريا ، حظي ذياب بعد ذلك بفرصة ثمينة عندما اعتلى مسرح دارسينما الفؤاد في منطقة الدير عام 1962 ليغني امام جمهور مختلف هذه المرة ،ولأن من يطلب الشهد لن يسلم من وخز النحل ، كان ذياب مشهور ومع نهاية كل حفل يقدمه يواجه بعقاب بدني من والده الذي حاول ان يثنيه عن هذا الطريق مرارا وبشتى السبل لكن دون فائده.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق