الإضافات التي حققها لحن يا طيور للموسيقى والغناء العربيين
- لأول مرة في تاريخ الغناء العربي ، يضع القصبجي لحنا حقق التطابق التام بين الموسيقى ومعاني الكلمات في جميع مراحل اللحن ، لقد جاء اللحن بحق مرآة لما جاء به النص ، وقبل هذا العمل حقق كثير من الملحنين كسيد درويش ومحمد عبد الوهاب وفريد الأطرش قاعدة مطابقة اللحن للكلمات لكن في بعض المقاطع فقط وليس في اللحن كله .
- قدم القصبجي في هذا اللحن حركة الطيور عن طريق الموسيقى وعبر التوزيع الهارموني ، وكانت هذه أول مرة في تاريخ الغناء العربي تأخذ فيه الموسيقى دورا بطلا في العمل الفني ، وقبل هذا اللحن كانت الموسيقى في الغناء العربي موظفة لمرافقة صوت المطرب والتعبيرعن المعاني المغناة.
- قدم القصبجي في هذا اللحن الأسطوري ما يمكنني أن أسميه بالألحان التجريبية في الموسيقى العربية ، وهي نادرة جدا ، لكن مع الآسف توقف عن هذا الخط التجديدي لعاملين أرجحهما وهما ابتعاد السيدة أم كلثوم عن هذا اللون وعدم قدرته على إيجاد صوت مقتدر بديل لصوت أسمهان ؛
- استطاع القصبجي في هذا اللحن أن يمزج بين المقامات العربية الأصيلة والتوزيع الهاموني في صلب الأغنية ، وقبله كانت هنالك محاولات محتشمة في هذا المجال ، وكان التوزيع الهارموني يوظف في أحسن الحالات في المقدمات الموسيقية الطويلة التي تسبق الغناء ؛
- رغم أن اللحن مستلهم ولا أقول مقتبس ، فإن القصبجي حقق معادلة صعبة ، وفي هذا السياق يقول فيكتور سحاب في كتابه السبعة الكبار في الموسيقى العربية المعاصرة: « فأغنية يا طيور التي تحس في مقدمتها أنها مكتوبة بطابع سمفوني ، لا ينتابك – لحظة – أي شك في طابعها العربي ، ومزاجها القومي الواضح . »
- حقق القصبجي في هذا اللحن إحدى نظرياته في الإلقاء الغنائي ، فقد انتقل من الإلقاء الغنائي التقليدي إلى الأسلوب الغربي ، لأنه من وجهة نظهره ، أقدر على التعبير وعلى إظهار ملكات الصوت الإنساني وطاقاته ،
- في هذه الأغنية قدمت أسمهان صوت السوبرانو الأوبيرالي الذي لم تقدمه أية مطربة عربية في الغناء العربي الكلاسيكي قبلها ، ولم تنجح أية مطربة عربية حتى اليوم في أن تقدمه ، ونستثني من المقارنة طبعا مطربات الأوبرا العربيات التي يتغنين بالأوبرا الغربية بكلمات عربية لأن هن لسن طرفا في المقارنة ولا يجدن الغناء العربي الكلاسيكي ، لذلك صدق الناقد الفني كمال نجمي حين قال : « أسمهان هي الحاجز الصوتي الذي لم تستطع مطربات عصرنا اجتيازه حتى الآن ، إنهن يقفن وراءها بمسافة كبيرة ، برغم أنها غير موجودة بينهن !! »
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق