حميد البصري
إن ما حفزني للكتابة في هذا الموضوع ما سمعته على احدى الفضائيات العراقية من أحد المستضافين إذ قال بأنه لاتوجد أغنية سياسية في العراق عدا الأغاني التي كانت تمجد النظام .... الخ . لهذا قررت أن أكتب بهذا الموضوع .
مفهوم الأغنية السياسية :
رغم أن أية أغنية تعتبر سياسية لأنها تعبر عن مفهوم سياسي معين ، حتى العاطفية منها تعبر عن مفهوم اجتماعي سياسي يجسد العلاقة بين الرجل والمرأة .
إن ما حفزني للكتابة في هذا الموضوع ما سمعته على احدى الفضائيات العراقية من أحد المستضافين إذ قال بأنه لاتوجد أغنية سياسية في العراق عدا الأغاني التي كانت تمجد النظام .... الخ . لهذا قررت أن أكتب بهذا الموضوع .
مفهوم الأغنية السياسية :
رغم أن أية أغنية تعتبر سياسية لأنها تعبر عن مفهوم سياسي معين ، حتى العاطفية منها تعبر عن مفهوم اجتماعي سياسي يجسد العلاقة بين الرجل والمرأة .
اما مفهوم الأغنية السياسية فقد ارتبط بالأغنية الوطنية .. الأغنية الثورية .. الأغنية المناضلة .. الأغنية الرافضة ، بعيداً عن أغنية السلطة .. اغنية مديح الحاكم أو الترويج لأفكاره.
الأغنية السياسية في العراق : عندما نتكلم عن الأغنية السياسية هنا ، نعني بها المفهوم أعلاه . فقد بدأت تلك الأغاني في النصف الأول من القرن العشرين وكانت بشكل أهازيج (هوسات ) انتشرت في ثورة العشرين وكان مضمونها محرضاً ضد الأستعمار الأنكليزي ومن أجل الحرية والاستقلال ، أما الحانها فكانت عفوية بسيطة . ثم جاءت أغاني المناضلين في سجون العهد الملكي ، إذ كان المناضلون يؤلفون كلمات تتكلم عن هموم الوطن والحرية ، يلحنون بعضها ألحاناً بسيطة مثل : السجن ليس لنا نحن الأباة السجن للمجرمين الطغاة ويركبون البعض الآخر على ألحان شعبية مثل : يا أمي لا تبك عليّه أنا المناضل يا هنية أو الحان مأخوذة من أعمال موسيقية عالمية مثل : لأجل السلام سنزيل الظلام ونرفع الأعلام للحب واسلام بعد ثورة تموز عام 1958 التي أسقطت الملكية وأقامت الجمهورية ، ومع الروح الثورية والحرية التي سادت العراق خاصة في السنتين الأولى للثورة ، ظهرت مجموعة من الأغاني السياسية التي الهبت حماس الجماهير العراقية للحفاظ على الثورة ومكتسباتها مثل أغنية ( هربجي ) للراحل الفنان ( أحمد الخليل ) . من تهب أنسام عذبة من الشمال على ضفاف الهور تتفتح قلوب لو عزف عالناي راعي بالشمال عالربابة يجاوبه راعي الجنوب هربجي كرد وعرب رمز النضال وفي بداية الستينات حيث بداية انحسار الديمقراطية والحرية ، انحسرت الأغنية السياسية ثم اختفت مع بدء الأنقلاب الدموي البعثي في العراق عام 1963 ، فعادت الى السرية التامة بين المناضلين التقدميين . عام 1968 ، وبعد الانفتاح النسبي من السلطة تجاه القوى الديمقراطية ، نشط بعض الفنانين الديمقراطيين بانتاج أغان سياسية دون تمكنهم من تداولها بحرية . وفي عام 1969 ، قدمت الفرقة البصرية أول اوبريت عراقي ( بيادر خير ) من كلمات الشاعر ( علي العضب ) والحان ( حميد البصري ) ، وهو عمل مسرحي غنائي يحكي عن صراع الفلاحين مع الاقطاع واضطرار بعضهم للهجرة الى المدينة . عام 1970 قدمت الفرقة نفسها الأوبريت الثاني ( المطرقة ) من الحان ( طالب غالي ) الذي جسد معاناة العمال مع أرباب العمل . بعدها تشكلت فرق صغيرة من الشبيبة الديمقراطية هيأ لها بعض الفنانين اغان سياسية اشتركوا فيها عام 1973 في مهرجان الشبيبة الديمقراطية العالمي في برلين بألمانيا الديمقراطية . ومن هؤلاء الفنانين جعفر حسن وطالب غالي وأنا . ومن تلك الأغاني التي اشتهرت في المهرجان أغنية : ( يا شبيبة توحدي ) من ألحان الفنان ( طالب غالي ) وأغنية ( يا بو علي ) من ألحان الفنان ( جعفر حسن ) . في عام 1974 ، اشتركت مع شوقية العطار وجعفر حسن ومجموعة من الفنانين الآخرين في مهرجان ( عروس البحر ) في بيروت بالذكرى الخمسين لتأسيس الحزب الشيوعي اللبناني ، قدمنا فيه عدد من الأغاني السياسية التي تتكلم عن نضال الشعب العراقي في سبيل الحرية والديمقراطية كذلك نضال الشعب اللبناني والفلسطيني وشعوب العالم المتطلعة للسلام . ومن تلك الأغاني اغنية ( يا رفاق الفكر ) و( رف يا حمام ) .... وغيرها . وفي هذه الفترة نشط فنانون آخرون في مجال الأغنية السياسية منهم الفنان الراحل ( كمال السيد ) والفنان ( سامي كمال ) ، وفي البصرة الفنان ( طارق الشبلي ) ، لكن حصار تلك الأغاني استمر واقتصر تناقلها بالتسجيلات ( الكاسيت ) وتقديمها ببعض الحفلات الحزبية . في 21 كانون الأول /ديسمبرمن عام 1976 ، وخلال جلسة تشاور ونقاش مع الشاعر المبدع ( زهير الدجيلي ) تم الأتفاق على تأسيس فرقة غنائية مصغرة يكتب كلمات أغانيها الأخ زهير وأقوم انا بتلحينها . وقد اتفقنا على أن يكون مضمون الأغاني غير مباشر ، يتكلم عن حب الوطن والتمسك به وحب الناس مع تضمين مبطن لقضايا شعبنا العراقي والعربي لأننا واثقون من أن السلطة الحاكمة لن تسمح لنا إذا شعرت بمضمون الأغاني ضدها . وقد أبدع الأخ زهير في ذلك فكانت الأغنية الأولى : تدرون ليش نحب ؟ ... حتى اليحب يعرف يحب الناس تدرون ليش نحب ؟ ... حتى بعشقنا يلمنا شوق الناس عشاق هاي الكاع لو شحوا نضل عشاق نتبادل وياها العمر واشواق وي اشواق تعطش .. يلمنا الليل عطشانين تخضر .. يلمنا الصبح فرحانين عشاق ياخذنا العمر عشاق واحباب علمنا الوطن شنحب حبينا كل الورد والأكثر القداح وحبينا أحلى الثمر والأكثر التفاح لكن محبة الوطن عدنا تضل سلاح ولو ضاع حب الوطن يا حب يضل له جناح ؟ وفي الوقت الذي كان الأخ زهير يهيئ لنا الأغاني ، اخترت العناصر الغنائية وكانوا أربعة ( فتاتين وشابين ) وبدأت معهم تدريبات مكثفة على الأيقاعات العراقية بآلة ( الدف الكبير ) . ثم بدأنا التدريب على الأغاني الواحدة تلو الأخرى حتى أكملنا عشر أغنيات منها : يمر القمر ليلية نتعود وينشدني قلت له حبيبي ضاوي مثلك يا لمواعدني قلت له حبيبي الهوا ذاك اليلمنا بديرة توسعنا كلنا سوا وواحدنا كمرة صغيرة قلت له حبيبي الوطن والوطن غالي علينا لو ضاع ياهو بعد يندلنا ويحاجينا وأغنية (عيني يا قمرية ) – نحبكم – عليناك يا شوق العالي ....
الأغنية السياسية في العراق : عندما نتكلم عن الأغنية السياسية هنا ، نعني بها المفهوم أعلاه . فقد بدأت تلك الأغاني في النصف الأول من القرن العشرين وكانت بشكل أهازيج (هوسات ) انتشرت في ثورة العشرين وكان مضمونها محرضاً ضد الأستعمار الأنكليزي ومن أجل الحرية والاستقلال ، أما الحانها فكانت عفوية بسيطة . ثم جاءت أغاني المناضلين في سجون العهد الملكي ، إذ كان المناضلون يؤلفون كلمات تتكلم عن هموم الوطن والحرية ، يلحنون بعضها ألحاناً بسيطة مثل : السجن ليس لنا نحن الأباة السجن للمجرمين الطغاة ويركبون البعض الآخر على ألحان شعبية مثل : يا أمي لا تبك عليّه أنا المناضل يا هنية أو الحان مأخوذة من أعمال موسيقية عالمية مثل : لأجل السلام سنزيل الظلام ونرفع الأعلام للحب واسلام بعد ثورة تموز عام 1958 التي أسقطت الملكية وأقامت الجمهورية ، ومع الروح الثورية والحرية التي سادت العراق خاصة في السنتين الأولى للثورة ، ظهرت مجموعة من الأغاني السياسية التي الهبت حماس الجماهير العراقية للحفاظ على الثورة ومكتسباتها مثل أغنية ( هربجي ) للراحل الفنان ( أحمد الخليل ) . من تهب أنسام عذبة من الشمال على ضفاف الهور تتفتح قلوب لو عزف عالناي راعي بالشمال عالربابة يجاوبه راعي الجنوب هربجي كرد وعرب رمز النضال وفي بداية الستينات حيث بداية انحسار الديمقراطية والحرية ، انحسرت الأغنية السياسية ثم اختفت مع بدء الأنقلاب الدموي البعثي في العراق عام 1963 ، فعادت الى السرية التامة بين المناضلين التقدميين . عام 1968 ، وبعد الانفتاح النسبي من السلطة تجاه القوى الديمقراطية ، نشط بعض الفنانين الديمقراطيين بانتاج أغان سياسية دون تمكنهم من تداولها بحرية . وفي عام 1969 ، قدمت الفرقة البصرية أول اوبريت عراقي ( بيادر خير ) من كلمات الشاعر ( علي العضب ) والحان ( حميد البصري ) ، وهو عمل مسرحي غنائي يحكي عن صراع الفلاحين مع الاقطاع واضطرار بعضهم للهجرة الى المدينة . عام 1970 قدمت الفرقة نفسها الأوبريت الثاني ( المطرقة ) من الحان ( طالب غالي ) الذي جسد معاناة العمال مع أرباب العمل . بعدها تشكلت فرق صغيرة من الشبيبة الديمقراطية هيأ لها بعض الفنانين اغان سياسية اشتركوا فيها عام 1973 في مهرجان الشبيبة الديمقراطية العالمي في برلين بألمانيا الديمقراطية . ومن هؤلاء الفنانين جعفر حسن وطالب غالي وأنا . ومن تلك الأغاني التي اشتهرت في المهرجان أغنية : ( يا شبيبة توحدي ) من ألحان الفنان ( طالب غالي ) وأغنية ( يا بو علي ) من ألحان الفنان ( جعفر حسن ) . في عام 1974 ، اشتركت مع شوقية العطار وجعفر حسن ومجموعة من الفنانين الآخرين في مهرجان ( عروس البحر ) في بيروت بالذكرى الخمسين لتأسيس الحزب الشيوعي اللبناني ، قدمنا فيه عدد من الأغاني السياسية التي تتكلم عن نضال الشعب العراقي في سبيل الحرية والديمقراطية كذلك نضال الشعب اللبناني والفلسطيني وشعوب العالم المتطلعة للسلام . ومن تلك الأغاني اغنية ( يا رفاق الفكر ) و( رف يا حمام ) .... وغيرها . وفي هذه الفترة نشط فنانون آخرون في مجال الأغنية السياسية منهم الفنان الراحل ( كمال السيد ) والفنان ( سامي كمال ) ، وفي البصرة الفنان ( طارق الشبلي ) ، لكن حصار تلك الأغاني استمر واقتصر تناقلها بالتسجيلات ( الكاسيت ) وتقديمها ببعض الحفلات الحزبية . في 21 كانون الأول /ديسمبرمن عام 1976 ، وخلال جلسة تشاور ونقاش مع الشاعر المبدع ( زهير الدجيلي ) تم الأتفاق على تأسيس فرقة غنائية مصغرة يكتب كلمات أغانيها الأخ زهير وأقوم انا بتلحينها . وقد اتفقنا على أن يكون مضمون الأغاني غير مباشر ، يتكلم عن حب الوطن والتمسك به وحب الناس مع تضمين مبطن لقضايا شعبنا العراقي والعربي لأننا واثقون من أن السلطة الحاكمة لن تسمح لنا إذا شعرت بمضمون الأغاني ضدها . وقد أبدع الأخ زهير في ذلك فكانت الأغنية الأولى : تدرون ليش نحب ؟ ... حتى اليحب يعرف يحب الناس تدرون ليش نحب ؟ ... حتى بعشقنا يلمنا شوق الناس عشاق هاي الكاع لو شحوا نضل عشاق نتبادل وياها العمر واشواق وي اشواق تعطش .. يلمنا الليل عطشانين تخضر .. يلمنا الصبح فرحانين عشاق ياخذنا العمر عشاق واحباب علمنا الوطن شنحب حبينا كل الورد والأكثر القداح وحبينا أحلى الثمر والأكثر التفاح لكن محبة الوطن عدنا تضل سلاح ولو ضاع حب الوطن يا حب يضل له جناح ؟ وفي الوقت الذي كان الأخ زهير يهيئ لنا الأغاني ، اخترت العناصر الغنائية وكانوا أربعة ( فتاتين وشابين ) وبدأت معهم تدريبات مكثفة على الأيقاعات العراقية بآلة ( الدف الكبير ) . ثم بدأنا التدريب على الأغاني الواحدة تلو الأخرى حتى أكملنا عشر أغنيات منها : يمر القمر ليلية نتعود وينشدني قلت له حبيبي ضاوي مثلك يا لمواعدني قلت له حبيبي الهوا ذاك اليلمنا بديرة توسعنا كلنا سوا وواحدنا كمرة صغيرة قلت له حبيبي الوطن والوطن غالي علينا لو ضاع ياهو بعد يندلنا ويحاجينا وأغنية (عيني يا قمرية ) – نحبكم – عليناك يا شوق العالي ....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق