بين فريد الأطرش ومحمد عبد الوهاب علاقة يطبعها الإعجاب والتقدير والتنافس ، فكان عبد الوهاب أكثر من يعرف في مصر كلها قيمة فريد الأطرش مطربا وملحنا ومطورا وبلغ من إعجابه بألحان هذا الأخير أن نسب إليه قوله لو قبل فريد أن يتنازل لي عن لحن يا زهرة في خيالي لأضع عليه اسمي لتنازلت له عن عشر من أعمالي يختار أيها أراد ، ونسب إليه أيضا قوله لو طلب فريد خمس سنوات من عمري مقابل مقدمة أغنية أنا واللي بحبه لما ترددت في العطاء . فريد من جانبه كان متيما بعبد الوهاب مصادقا له وكلما أراد أن يضع نفسه موضع مقارنة كان يحلو له أن يقارن نفسه مع محمد عبد الوهاب حتى أنه لما أراد أن يرفع أجره في الإذاعة طلب مساواة أجره مع أجر محمد عبد الوهاب .
لكن هل سبقت علاقة الندية هاته مرحلة غنى فيها فريد لعبد الوهاب حاولت أن أستقصي الأمر فتوقفت عند مجموعة من المحطات غنى فيها فريد ألحانا لعبد الوهاب :
1- وطنية عبد الوهاب المفقودة لفريد
في أحد أحديثه الصحفية حكى فريد عن هذا اللحن الذي غناه عندما كان هاويا فيقول :
في عام 1932 طلب أحمد زكي باشا من الأستاذ محمد عبد الوهاب أن يلحن لي قصيدة وطنية كتبها الأستاذ تيسير ظبيان الصحفي السوري الدمشقي ، وكانت القصيدة بأسلوب حماسي فلحنها عبد الوهاب ، وغنيتها في حفل عام دعاه الباشا نفسه وأذكر أن مطلعها كان :
حق الجهاد على الحرم
فرض على كل الأمم
فابنوا بأسياف الهمم
مجد العروبة بالقمم
أعلامنا فوق الرماح
ومقامنا بين الصفاح
وشبابنا شاكي السلاح
يمضي إلى شق الظلم
الغريب في الأمر كله أن كل الذين تحدثوا عن سيرة الطرفين لم يشيروا من قريب أو بعيد لهذا اللحن المفقود.
وللتوثيق فإن أحمد زكي باشا هو الشهير بشيخ العروبة والحفل نظم في مسرح برنتانيا في القاهرة ورصد ريعه لدعم الثوار العرب ضد الاستعمار الفرنسي في سوريا ولبنان .
2- أغنية لعبد الوهاب سببا لاعتماد فريد مطربا بالإذاعة
بعد انضمامه للإذاعة المصرية عقب إحداثها عام 1934، لم يبدأ فريد كما قد يتخيل للبعض مطربا وإنما ابتدأ عوادا يعزف في تخث أسمهان أو يقدم وصلات العزف المنفرد على العود ولما رغب في الغناء بالإذاعة اشترط عليه المدير الفني للإذاعة مدحت عاصم اجتيازإمتحان الاعتماد في الإذاعة ، وكانت لجنة الامتحان مكونة من مدحت عاصم نفسه ومصطفى رضا مدير معهد الموسيقى الشرقية ومحمد فتحي ، وقد اختار فريد من كل الأغاني التي سمعها أو حفظها أغنية محمد عبد الوهاب سكت ليه يا لساني وكانت سببا في اعتماده مطربا بالإذاعة ، بعد وفاة فريد وبمناسبة إيحياء ذكراه السنوية الأولى سيذكر محمد عبد الوهاب هذه الواقعة بنوع من الفخروالإعنزاز.
3- ست الحبايب بصوت فريد وعلى عوده
طيلة مشوارهما الفني ، جمعت بين فريد وعبد الوهاب جلسات طرب وسمر خاصة يحضرها الأصدقاء والزملاء وبعض الصحفيين ، ويحكي الذين حضروا بعضا من هذه الجلسات أن محمد عبد الوهاب كان يلح على فريد أن يسمعه عزفه الجميل على العود وكان يستمتع بعزفه ويردد في انسجام واستحسان عبارة الله يا فريد ، في إحدى هذه الجلسات غنى فريد لحن عبد الوهاب لفايزة أحمد ست الحبايب على عوده .
4 – مقترح فريد الذي لم ير النور
في إحدى جلسات الأنس والطرب التي جمعتهما يحكى أن فريد اقترح على محمد عبد الوهاب مقترح في غاية الغرابة هو أن يلحن كل واحد منهما لحنا يؤديه الآخر ، لحد الساعة لا نعلم هل كان فريد جادا أم أن مقترحه لا يعدو أن يكون مزحة لما عرف عن كلاهما من عدم الغناء من ألحان الآخرين خصوصا محمد عبد الوهاب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق