الاثنين، 12 أكتوبر 2015

عندما يعشق الفؤاد ,,, كامل الشناوي




في مرحلة الكهولة لم تتوقف نيران حبه للدرجة التي خجل فيها من قلبه
وخاطبه قائلا احتشم يا قلبي. فالحب طيش وشباب وأنت طيش فقط".
وكانت قصته الأشهر مع نجاة هي الأكثر خلودا، فلقد أحبها بجنون
ولم تبادله وفاءه،وكان يعلم ذلك لكنه لا يستطيع أن يتوقف عن حبها، بل كان عذابه يستوحش أثناء الخصام فلا يتحمل بُعدها "افهميني على حقيقتي..

إنني لا أجري وراءك بل أجري وراء دموعي"... هكذا كتب اليها ذات مرة في إحدى نوبات عشقه.
ولقد تعرض الشناوي لكثير من الصدمات أثناء حبه لنجاة الصغيرة، كان أبرزها عام 1962 في عيد ميلادها عندما اشترى هدايا الحفل، وحضر برفقة أصدقائه في شقتها بالزمالك، وعند إطفاء الشموع اختارت يوسف إدريس ليقطع التورتة معها ممسكا بيدها، فانسحب الشناوي حزينا باكيا، ثم تضاعفت أحزانه حين رآهما يخوناه، فكتب كلماته التي تقطر أسى..
"لا تكذبي إني رأيتكما معا
ودعي البكاء فقد كرهت الأدمعا
ما أهون الدمع الجسور إذا جرى
من عينِ كاذبةٍ
فأنكر وادّعى"..
وفي أحد الأيام ذهب لمصطفى أمين ومعه قصيدته، فاتصل بنجاة على أمل أن تغنيها، وألقاها عليها في الهاتف كامل الشناوي بصوت منتحب، وبعد انتهائه فوجئ برد بارد "الله حلوة قوى الأغنية" وكأنها لا تدري أنها كتبت فيها.
وقد عبر الشناوي بقوله "إنها تحتل قلبي.. تتصرف فيه كما لو كان بيتها تكنسه وتمسحه وتعيد ترتيب الأثاث وتقابل فيه كل الناس.. شخص واحد تتهرب منه. صاحب البيت".
ثم عبر عن خيانتها له بقوله "هل ألعنها أم ألعن الزمن.. كانت تتخاطفها الأعين فصارت تتخاطفها الأيدي".
ثم كتب قصيدته الرائعة التي غناها عبد الحليم حافظ:
"حبيبها لست وحدك
حبيبها أنا قبلك
وربما جئت بعدك
وربما كنت مثلك"..
وفي إحدى المرات شاهد أحد محبيها يتودد إليها، فكتب ساخرا:" إنها كالدنيا.. لا تبقى ولا تتجدد إلا إذا خرج من حياتها أناس.. ما أكثر الذين شاهدتهم وهم يغادرونها وما أكثر المواليد الذين رأيتهم على بابها".
العودة
عاش الشناوي حياته بالطول والعرض، يكتب ويسهر ويحب ويطلق النجوم إلى الشهرة، ورغم تكالب الأمراض على جسده إلا أنه كان يتعامل مع المرض على طريقة وداوني بالتي كانت هي الداء، وكانت فلسفته في الحياة "نظام الأطباء يطيل عمري لكنه لن يطيل حياتي".فكان يهمل دواءه ونظامه الغذائي، وهو ما عرضه لعدة أزمات صحية، كان أخطرها قبيل وفاته بعام، عندما دخل في غيبوبة وأفاق منها بما يشبه المعجزة، وبعده علق ساخرا "كانت بروفة للموت".
وقد تعامل الشناوي مع عمره بواقعية، فكانت حكمته الدائمة "عمري مثل ديوني، أسدده على أقساط" ومن هنا كره الاحتفال بعيد ميلاده، وكتب:
"عدت يا يوم مولدي
عدت يا أيها الشقي
الصبا قد ضاع مني
وكسا الشيب مفرقي
ليت يا يوم مولدي
كنتَ يوما بلا غد"..
وفي ديسمبر 1965 دخلت عليه نهلة القدسي زوجة عبد الوهاب وهو على فراش مرضه الأخير قائلة "إن شاء الله هتقوم بالسلامة"، فأشار إليها بيده نافيا، وكانت رقدته الأخيرة .."كل ما كان لم يكن، ولم أعد أنا".


إنسان استثنائي ..اختلطت دموعه بكلماته ..نظّم من أشواقه أروع القصائد ..
حياته حافلة بالصخب والإبداع والجنون ...لم يمل إلى الحب السهل الخالي من العذاب ..لم يتزوج ..
لم يعرف إلاّ قصة حب واحدة هي قصة حبه لنجاة الصغيرة ...
نجاة كانت في مثل سن ابنته والفرق بينهما 30 عاما ..أكّد رجاء
النقاش أنّه سمع من نجاة الصغيرة أنّها تحبّ الشناوي حب
الابنة لأبيها ولاتحبّه حبالحبيبة لحبيبها ...
حب الشناوي لنجاة كان من طرف واحد ...كان معذّبا وسعيدا بهذا العذاب ..
أثمر هذا الحب قصيدة جميلة من أشهر القصائد ..هي قصيدة لاتكذبي ..
سماها رجاء النقاش قصيدة الطلاق العاطفي ..
القصيدة مبنية على تجربة واقعية صادقة ...
تنافس على حب نجاة الصغيرة نجوم الفن والأدب والصحافة ...
صاحب أعلى درجة عاطفية هو الشاعر كامل الشناوي ...
المنافسون الآخرون كانوا صباح قباني شقيق الشاعر نزار قباني
مدير التلفزيون السوريأيام الوحدة بين مصر وسوريا والأديب
يوسف إدريس وقيل أن العشيق نزار قباني الشاعر..
قال مصطفى أمين أن الشناوي نظّم القصيدة في بيته في الزمالك ...
كتب القصيدة وهو يبكي بمرارة .. وعندما انتهى من كتابتها توجه إلى التلفون ليقرأها على الفنانة نجاة ويقول لها كتبتها من أجلك ..كان الأستاذ مصطفى أمين والموسيقار محمد عبد الوهاب قد سمعا القصيدة من سماعة أخرى ..
أحب الشناوي نجاة كما لم يحب أمرأة في حياته ..كتب القصيدة والدموع تملأ وجهه ..
فوجىء برد نجاة الصغيرة ببرود : عظيم جدا .. 
ممكن أغنّيها ياكامل ..؟
في عيد ميلاد نجاة جاءت لحظة إطفاء الشموع وأمسكت بيد كامل الشناوي ليشاركها في
قطع قالب الكاتو .. وكأنّها تقطع أوصال قلب الشاعر ...علما بأنّ الشناوي هوالذي اشترى قالب الكاتو وأهداه لها في عيد ميلادها ....
هذه قصة الشناوي وقصيدة لاتكذبي المغنّاة ...القصيدة التي كتبت بالدموع ...

لاتكذبي 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق