الثلاثاء، 22 ديسمبر 2015

محمود المليجي


 


عندما يندمج الفنان ويتقمص الدور، تجده لا يبالي بأي شيء حوله، فهو يعايش الحالة بكل ما لديه من مشاعر وأحاسيس، حتى الألم والتعب هما آخر الأمور التي يلتفت إليها الفنان الحقيقي، هكذا كان حال فناني الزمن الجميل، الذي أخذ منهم حبهم للفن الكثير من الصحة والاستقرار.  ومن بين هؤلاء العمالقة الذين وهبوا حياتهم حبا وعشقا للفن، الفنان الكبير محمود المليجي (انتوني كوين) الشرق الذي رحل وفارق الحياة إثر أزمة قلبية مفاجئة، والتي كانت السبب في رحيلة وغيابه عن عالمنا وهو ما زال في أوج نشاطه وعطائه، ففي يوم 6 يونيو من عام 1983، وهو يستعد لتصوير آخر لقطات دوره في فيلم (ايوب) للمخرج هاني لاشين، ففي هذا اليوم، الكاميرا تدور، والمكان يسوده الهدوء، وعامل (الكلاكيت) يعلن بدء التصوير، والمخرج ينادي بصوت اجش (اكشن)، الكل مستعد ليبدأ محمود المليجي بحواره موجها إياه لصديق عمره في أحداث الفيلم (ايوب) الذي قام بدوره الفنان العالمي عمر الشريف، ليسقط (فنجان القهوة) الذي كان المليجي ممسكا به ويسقط الفنان والمعلم والمايسترو محمود المليجي إثر أزمة قلبية مفاجئة وسط ذهول ولوعة الحاضرين، وتطفئ الكاميرات، ويقف الكل خشوعا لهذا المقف القدري الذي غيب عنا المليجي عن عمر ناهز 72 عاما، بعد رحلة عطاء مع الفن استمرت ما يقرب من نصف قرن قدم فيها 750 عملا فنيا، ما بين السينما والمسرح والإذاعة والتليفزيون.  لم يكن المليجي مجرد ممثل فقط بل كان فنانا عاش ليقدم لنا درسا في الحياة من خلال فنه العظيم، كان مدرسة فنية متكاملة وكان بحق استاذا في فن التمثيل العفوي الطبيعي البعيد كل البعد عن أي افتعال أو التشنج أو العصبية، هو صاحب فيلم (الأرض) عام 1970 من إخراج المبدع يوسف شاهين والذي استحق المشهد الختامي العظيم في أحداث الفيلم؛ حيث ظهر فيه المليجي مكبل بالحبال تجره الخيل علي الارض محاولا التشبث بجذورها، استحق بهذا الأداء العبقري ان يطلق عليه بحق (انتوني كوين) الشرق، ما جعل هذا الفيلم يصنف الثاني ضمن الـ100 فيلم علي مستوي السينما المصرية.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق