الأحد، 27 ديسمبر 2015

قارئ المقام العراقي ( محمد القبنجي )

محمد القبنجي

ولد محمد القبانجي عام 1904. كان منذ طفولته يستمع الى الارقام والاسعار في التجارة والقبانة. وفي نفس الوقت يستمع الى الالحان والاغاني في عالم الفن والطرب. تناقض غريب ولكنه وجد فيه لذة وسعادة .
وحرص الصبي محمد القبانجي في سنوات طفولته ثم صباه على ان يرافق والده في الموالد. وتطورت هوايته فبدأ يحفظ الاغاني والاناشيد ويرددها. ثم عشق الشعر فحفظ منه الكثير برغم صغر سنة. وبعد فترة قادته هوايته الى الاماكن الشعبية والمقاهي الكبيرة التي كان يغني فيها كبار الفنانين وفي هذه الاماكن استمع الى كل ألوان الغناء السائد وقتئذ في بغداد، وبدأ يتابع الفرق بين المطربين في الاداء محاولاً صقل موهبته الفنية.
وحدثت في حياته قصة غريبة هزت كيانه بعنف. فقد كان والده يدفعه الى مواصلة التعليم حتى وصل الى مدرسة كانت معدة لتخرج الضباط والعسكريين وفجأة اخرجه والده من المدرسة قبل ان يكمل دراسته. وظن ان الاسرة قد لحقت بها خسارة فادحة في التجارة. ولكنه وجد الاسرة تعيش في نفس المستوى المادي المعقول كما كانت تعيش من قبل. ولم يلاحظ تغييراً في حالة التجارة والقبانة التي يمارسها والده.
ان الجيش العثماني اخذوا اثنين من اخوته للخدمة العسكرية في الحرب العالمية الاولي ( السفر بر ) ولم يعودا. وافاق الشاب محمد القبانجي من الصدمة المزدوجة صدمة فقده اثنين من اخوته. وصدمة اخراجه من المدرسة العسكرية التي كانت ستجعل منه ضابطاً ورويداً رويداً احس بالهدوء وبالسرور المدرسة والخدمة العسكرية كانت ستحول بينه وبين ممارسة هوايته للغناء والموسيقى وبدأ يعمل مع عمه في مهنة القبانة بسوق الجملة للفواكه والى جانب مقر عمله كان يوجد مقهى شعبي يرتاده اهل الفن من مغنين وموسيقيين صاحب هذا المقهى كان اسمه قدوري العيشة. وهو من مشاهيرالمغنين الهواة. وكان يتميز باتقانه غناء المقام العراقي. واعجب قدوري العيشة بالشاب محمد القبانجي لسببين:
الاول: جمال صوته
والثاني: حفظه مئات الابيات من قصائد الشعر النفيس.
وقدمه قدوري العيشة لمشاهير المطربين والمغنين الذين لم يبخلوا عليه بالتدريب وشرح اصول الغناء والموسيقى في مقابل ان يقرأ عليهم القصائد التي يحفظها لكبار الشعراء .
وفي ميدان الموسيقى العراقية. بدأ يدرس الفن الشعبي العراقي. عرف البستة ودرس القصائد واجاد المواويل. ولم يكتف بالدراسة في بغداد والتتلمذ على ايدي كبار مطربيها بل قام بمغامرات اشبه بمغامرات الرواد والمكتشفين مخترقاً جبال الشمال و المناطق الشمالية ليستمع الى مطربيهم وباحثاً عن اصل كل اغنية شعبية مفتشاً عن كنوز الموسيقى العربية والعراقية. ومع الدرس والتنقيب كان يغني. وازدادت حلاوة صوته
في عام 1929 طلبت شركة بيضافون الالمانية من شاب عراقي لم يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره ان يسافر الى ألمانيا لتسجيل سبعين اسطوانه لحسابها تحوي جميع المقامات العراقية والاغنيات (البستات) واختيار شركة بيضافون للشاب محمد القبانجي لم يكن ارتجالاً اوعفوياً. فالالمان اذكياء وعمليون في معظم الاحوال ولهذا كان هذا الطلب وقتئذ من شركة بيضافون حدثا مهماً لا في تاريخ محمد القبانجي فقط. بل في تاريخ الموسيقى العربية والعراقية.
وفعلا نفدت هذه الاسطوانات من السوق وانتشرت بسرعة في المنطقة العربية..
و نجح هذا النجاح الكبير برغم انه لم يكن قد درس الموسيقى والغناء في معهد متخصص او في اي مدرسة اكاديمية .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق