الأحد، 22 نوفمبر 2015

وصية من محتضر ل بدر شاكر السياب





وصية ومن محتضر


يا صمت يا صمت المقابر في شوارعها الحزينه
أعوي أصيح أصيح في لهفٍ فأسمع في السكينه
ما تنثر الظلماء من ثلجٍ وقار
تصدي عليه خطىً وحيداتٍ و تبتلع المدينة
أصداءُهُنَّ كأن وحشا من حديد من حجار
سف الحياة فلا حياة من المساء إلى النهار
أين العراق ؟ و أين شمس ضحاه تحملها سفينة
في ماء دجلة أو بويب ؟ و أين أصداء الغناء
خفقت كأجنحة الحمام على السنابل و النخيل
من كل بيت في العراء
من كل رابية تدثرُها أزاهير السهول
إن مت يا وطني فقبرٌٌ في مقابرك الكئيبة
أقصى مناي و أن سلمت فإن كوخا في الحقول
هو ما أريد من الحياة فدى صحاراك الرحيبة
أرباض لندن و الدروب و لا أصابتك المصيبة


أنا قد أموت غدا فإنّ الداء يقرض غير وانٍ
حبلا يشدُّ إلى الحياة حطام جسم مثل دار
نخرت جوانبها الرياح و سقفها سيل القََََطار
يا إخوتي المتناثرين من الجنوب إلى الشمال
بين المعابر و السهول و بين عالية الجبال
أبناءَ شعبي في قراه و في مدائنه الحبيبة
لا تكفروا نِعمَ العراق
خير البلاد سكنتموها بين خضراء و ماء
الشمس نور الله تغمرها بصيف أو شتاء
لا تبتغوا عنها سواها
هي جنة فحذار من أفعى تدب على ثراها
أنا ميت لا يكذب الموتى و أكفر بالمعاني
إن كان غير القلب منبعها
فيا ألق النهار
أغمر بعجسدك العراق فإنّ من طين العراق
جسدي و من ماء العراق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق