الأحد، 22 نوفمبر 2015

الموسيقار روحي الخماش



ولد عام 1923في مدينة نابلس التي اكمل فيها الابتدائية وعندما وجد فيه والده حبا للموسيقى اشترى له عودا صغيرا ليتمرن عليه ولفت ذلك انظارأحد اقاربه وهو احمد عبد الواحد الخماش الموسيقي الذي تخرج من معهد للموسيقى في تركيا الذي اهتم به.

استطاع روحي الخماش خلال فترة قصيرة جدا ان يعزف (بشرف عاصم بك) و(بشرف رست) لطاطيوس افنديو(سماعي بيات قديم) لسامي الشوا الذي استمع الى روحي الخماش الصغير وهو يغني دور ( احب اشوفك) في مدينة القدس عام 1932 فاعجبه اداء هذا الطفل وتنبأ له بمستقبل كبيرفي الموسيقى.

وفي نفس الفترة جاء الفنان محمد عبد الوهاب الى فلسطين واستمع الى غناء الطفل روحي وعزفه فقدم له هدية فيها تعبيراً عن اعجابه بموهبته.
وتكررالمشهد نفسه في يافا حيث جاءت ام كلثوم فاستمعت الى روحي الخماش وهو يغني مونولوج (سكت والدمع تكلم) للقصبجي فاثار ذلك الغناء ام كلثوم وجعلها تكيل المديح لهذه القدرة المتنامية.
في العام 1935 زار بغداد بدعوة من الملك غازي واسمعه العديدمن الاعمال الغنائية التي ادهشت الملك فاهداه ساعته الخاصة تعبيرا عن اعجابه بهذه الموهبة.
في القاهرة سيكون له موعد هام هناك على مقاعد معهد فؤاد الاول للموسيقى العربية كان ذلك العام 1938 وتم اختباره من قبل لجنة مؤلفة من الشيخ درويش الحريري وصفر بك علي والدكتور محمود احمد الحفني والاستاذ كوسناس وفؤاد الاسكندراني مدرس الادوار الذي ادهشهم بغنائه لدور (حبيب القلب) لمحمد عبد الوهاب وبعد اكماله الدراسة في المعهد وتفوقه الواضح اتيحت له فرصة الدراسة في ايطاليا لكن تداعيات الحرب العالمية الثانية لم تسمح له بقطف ثمار هذه التجربة فعاد الى القدس ليصبح رئيسا للفرقة الموسيقية في اذاعة فلسطين.
استدعاه (طاهر الزبيدي) الحاكم العسكري العراقي لمدينة نابلس بعد ان بلغت شهرة روحي الخماش حدودها القصوى من خلال اقامته للاماسي الفنية للجيش العراقي هناك حيث تم توجيه الدعوة اليه لزيارة العراق وقدوافق الخماش على هذه الدعوى ووصل فعلا الى العراق مع عائلته في تموز 1948.
وعندما وصل الى بغداد التقى مصادفة باستاذه علي الدرويش حيث بداية الرحلةنحو صياغة جديدة لموسيقى تنزع عن ملامحها ثوبها التقليدي في محاكاة واعية للمنجزالحديث اسس عام 1948 فرقة الموشحات الاولى مع استاذه علي الدرويش واشرف على الفرقةالموسيقية المسائية فقام باعادة تنظيمها واضافة العازفين الجدد لها ما هيأها لان تلعب دورا آخر مختلفاً عن الدور التقليدي في ادائها الالي.
وفي العام 1953 اصبح مدرسا في معهد الفنون وقد اختلف وان بصمت على طريقة تدريس العود التي كانت متأثرةبمدرسة الشريف محيي الدين حيدر في تحديد طبيعة الاوتار واستخدام الريشة.
اسس العام 1961 فرقة ابناء دجلة الانشادية من خريجي معهد الفنون وفي العام 1971 ساهمبجهد استثنائي في تأسيس فرقة (خماسي الفنون الجميلة) المؤلفة من سالم حسين على القانون وغانم حداد على الكمان وحسين قدوري على الجلو وحسين عبد الله على الايقاع اضافة الى روحي الخماش كعازف عود.
ولاننسى الحدث الاكثر اهمية في حياته والذي كان له دور محوري في انشاء ذائقة جديدة للمتلقي العراقي وهو تأسيسه لفرقة الموشحات العراقية في بداية السبعينيات التي قدمت اعمالا شكلت نوعا من الانعطاف في تحديد شكل لحني مختلف عن الحان البيئة العراقية وقد اتيحت لفرقة الموشحات ان تمثل العراق في الخارج فحصدت الجوائز وكانت الرقم الصعب في كل المهرجانات.
لحن روحي الخماش العشرات من الموشحات والقصائد الدينية والاغاني الوطنية وبعض المؤلفات الاليةكالسماعي واللونكا من اهم اعماله موشح(أجفوة ام دلال) كلمات خالد الشطري من نغم اللامي وايقاع 8/6 وموشح حبيبي عادلي كلمات عبد الجبار عاشور وهو من نغم العجم عشيران وايقاع الجورجينا 16/10 الذي غناه المطرب اكرم عبد الله وموشح( يا اهيف القد) كلمات نزار جواد وهو من نغم الرست وايقاع 8/6 يورك سماعي الذي غناه فؤاد فتحي وموشح (ياهلالا) شعر محمد سعيد الحبوبي الثائر والفقيه الذي اقترب كثيرا في شعره من حل الاشكال الدائم بين طهر رجل الدين وحسية الفنان الباحث عن ارض للتجربة حيث كان هذا الموشح قمة لحنية من حيث البناء الموسيقي واستطاع الخماش فيه ان يعبر عن تطلعات الفنان في ارساء نظام صوتي لايكون عبئا على اللغة التي يستمد انشاءه من بنيتهاالدلالية وقد ادى هذا الموشح باقتدار الصوت الكبير عامر توفيق وهو من تلامذة الخماش المقربين اذ كان يحمله في سنواته الاخيرة على ظهره ويساعده كأبن.
ومن اضافاته المهمة للموشح استخدامه لبعض الاجزاء اللحنية من المقام العراقي وتحديداً في مقطع (اي ذنب) من موشح (ياحبيب الروح) الذي كتبه صافي ياسر.
اما ابتهالاته الدينيةوهي اقرب اليه من سواها فقد لحن ابتهال (لبيك قد لبيت لك) للشاعر ابو نواس وابتهال (فالق الاصباح) للشاعر المبدع مجيد كاظم وابتهال محمد حظر المحامد يعظم للامام البرعي اما ابتهال (يا اله الكون) فقد تعود الصائم العراقي على استحضاره حيث اصبح جزءا لايتجزأ من فلكلور الصوم العراقي ولم يكن هذا ممكنا لولا قدرة روحي الخماش على ان ينشئ من اللحن نوعا من التواصل الحسي مع ذائقة تتضوع شذى في حضرة الحبيب الالهي
اما اعماله الوطنية فقد لحن نشيد( الوحدة الكبرى) لمحمد جميل شلش ونشيد وطن واحد لصفاء الحيدري ونشيد( عيد الام) لاميرة نور الدين اما بغداد التي تنام على كابوسها التاريخي في انتاج اشكال جديدة للموت فقد لحن انشودة (بغداد) شعر نزار جوادمحاولا ان يخرجها من معطف الكراهية الى فضاء حريتها المغيبة.
اما القطع الموسيقية التي انجزها فهي (شم النسيم) و(ضفاف دجلة)و(امل جديد) و(افراح الشباب) و(خيال) و(مناجاة) اما سماعي نهاوند الذي قال عنه الفنان سالم عبد الكريم انه قد تم تأليفه اثناء محاضرة كان يلقيها الخماش على طلبته فقد بلغ في صياغته القمة من ناحيةالنسيج اللحني والتعبير عن المكونات العميقة للذات الانسانية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق